الأهواز – مقال / قال الباحث في الشؤون الإقليمية الدكتور طلال عتريسي، ان المعضلة التي يعيشها الكيان اليوم انه كلما تأخر في عملية عسكرية ضد المقاومة، كلما زادت قدرات المقاومة، وبالتالي تراجعت قدرة الردع لديه، ولا يستطيع ان يشن مثل هذه الحرب اليوم لانه لا يثق بقدرته على تحقيق الانتصار الواضح…
و قال عتریسی إن انتصار المقاومة الاسلامية عام 2000 وتحرير اراضي لبنانية بالقوة اتى في مرحلة شاع فيها الحديث عن عدم القدرة على المواجهة والعجز عن التوازن العسكري مع جيش الاحتلال!! فهل استطاعت المقاومة سد هذه الثغرة وتغيير معادلات القوة في المنطقة؟
و تابع : قبل التحرير عام 2000 وعلى امتداد اكثر من ثلاثة عقود كانت الثقافة السائدة في الاوساط السياسية والثقافية اننا لا نستطيع ان نقاتل “اسرائيل” وتقدم مبررات مختلفة منها ان “اسرائيل” متقدمة تكنولوجيا وعلميا وصناعيا، وانها دولة مدعومة من الغرب، وان العرب مفككين وليس لديهم قرار، ولا ننسى ان مطلع الثمانينات كان نوع من الانتصار “الإسرائيلي” على منظمة التحرير الفلسطينية واخراج الفلسطنيين من لبنان..
و اضاف : منذ العام 67 تبنى العرب شعار: “ما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة!!” الذي اطلقه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.. لكنهم تخلوا عن ذلك بذريعة التسوية مع الاحتلال.. فلماذا استطاعت المقاومة من تقديم نموذج للقوة المنتصرة في حين عجزت الجيوش العربية عن ذلك؟ ما هي العوامل الذاتية للانتصار؟
و اوضح العتریسی : المقاومة التي نجحت في التحرير عام 2000 وفي الثبات وفي تحقيق الانتصارات عام 2006 غيرت طبيعة المعادلات، وغيرت من توازن الردع، ولاول مرة في تاريخ الكيان يحسب الف حساب لاي اعتداء يمكن ان يفكر فيه، يحسب الف حساب لرد المقاومة، والمعضلة التي يعيشها الكيان اليوم انه كلما تأخر في عملية عسكرية ضد المقاومة، كلما زادت قدرات المقاومة، وبالتالي تراجعت قدرة الردع لديه، ولا يستطيع ان يشن مثل هذه الحرب اليوم لانه لا يثق بقدرته على تحقيق الانتصار الواضح، هكذا تغيرت المعادلات، اصبحت المقاومة حاجز حقيقي استراتيجي ردعي في مواجهة هذا الكيان الذي فقد القدرة الاساسية الاستراتيجية الذي بنى عليها كل اسطورته وهي “الحرب الخاطفة” وانجاز الحرب بسرعة، وجعل العدو عاجزا عن التفكير في الرد او في شن الحرب هذا كله انتهى مع هذه المقاومة ومع معادلات الردع الجديدة في المنطقة.
و اعتبر العوامل الذاتية للانتصار هي في هذه الاستراتيجية: الاعتماد على المقاومة وليس على التفاوض، وليس على الامم المتحدة، والقيام بالواجب وبالتكليف والاعتماد على الشعب، وعلى القضية المحقة.
والاعتماد على قاعدة متينة هي الجمهورية الاسلامية الايرانية التي كانت تؤمن بالمقاومة وتدعمها، وهذا خلاف الاستراتيجيات السابقة، ولهذا السبب كان تحقيق شروط الانتصار على كل المسؤوليات، واهمها الاعتقاد بالقدرة على تحقيق الانتصار والقيام بالواجب، وتأمين كل الشروط العملياتية والفنية والأمنية وغير ذلك، وكل هذا ساهم في تغيير المعادلة وفي تحقيق الانتصار.
و اضاف : ربما بدأت المقاومة بالعمل العسكري والميداني وهذا كان امرا ضروريا لان العدو كان موجود على الأراضي اللبنانية، وبالتالي كان يجب المبادرة الى الحرب المباشرة والى التعبئة في هذا الاتجاه اتجاد طرد الاحتلال عن الارض اللبنانية، لكن بمرور الوقت تبلورت مفاهيم ثقافية في هذا الصراع، ربما لم تكن مطروحة في البداية، لكن طبيعة المواجهات وتوسعها، وارتفاع الوعي في عملية المواجهة، ودراسة العدو واساليبه النفسية والإعلامية والسياسية اتاح للمقاومة ان تنتج مفاهيمها الثقافية…
بدون دیدگاه