ولم تشفع للشعب الايراني حتى الحالات الانسانية اذ حرّم الغربيون عليه حتى الدواء في فترة اشتداد جائحة الكورونا متذرعين بالحظر الأحادي الاميركي الذي كان من المفترض ان لا يلتزموا به، لأنهم كانوا حاضرين عند ابرام الاتفاق في 2015 وشهدوا على حسن التزام ايران به .
ومر الزمان واستطاعت ايران اجهاض الحظر وابطال مفعوله وعادت صادرات نفطها الى مستوى ما قبل الحظر باعتراف الغربيين انفسهم وبات الاميركيون والغربيون يشترون النفط الايراني عبر الوسطاء من الحلقتين الثانية والثالثة كما كشف عن ذلك قبل ايام السياسي الايراني المخضرم “محمد جواد لاريجاني”.
اتخذت ايران ايضا اجراءات نووية مضادة فارتفعت نسبة التخصيب الى 60 بالمئة وتم وقف عمل عشرات الكاميرات التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية في المنشآت النووية الايرانية ونقلت سلاسل اجهزة الطرد المركزي الى جوف الارض والجبال ووقعت ايران اتفاقيات نووية جديدة مع روسيا وبدا العمل في المرحلتين الثانية والثالثة لمفاعل بوشهر النووي وتعالى صراخ الوكالة الذرية والغربيون بانهم باتوا معصوبي الاعين في ايران.
تكيفت ايران مع الحظر ووجدت الحل في افشاله بدلا من الانتظار لرفعه، كما تغيرت الاوضاع على الساحة الدولية بعد بدء الحرب الاوكرانية وتضعضع نظام القطب الاوحد وانشغل الغرب بجرحه ولا يدري كيف يدير الوضع وتطايرت هيمنته العالمية وباتت دول كبيرة تتحدث، بل تتصرف باستقلالية عن الغرب علما منها بأفول الفترة الذهبية للغربيين الذين اصبحوا يجرون وراء فنزويلا طلبا لشحنات النفط ويتحدثون عن جودة النفط الايراني وأشواقهم لرؤيته مجددا في الاسواق.
وبقدرة قادر أصبحت اطالة التفاوض لصالح ايران بعدما كان الغربيون يتخذونها نهجا، ولذلك نجد بان الايرانيين باتوا لا يمانعون التحدث حتى مع الاميركيين (بصورة غير مباشرة) واصبح المسؤولون الاوروبيون المتبجحون بالحظر الظالم يجرون وراء الايرانيين لترتيب لقاءات ومحادثات.
ولا نبالغ اذا قلنا بأن استمرار هذه الحالة ستفيد الايرانيين اكثر واكثر كلما تقدمنا لان بلادهم اصبحت ممرا تجاريا استراتيجيا وحاجة عالمية بفعل اخطاء الغرب المتغطرس والمتكبر، فنجد بان برودة الاعصاب أصبحت من نصيب الايرانيين والغرب يغلي ويبحث عن اتفاق، “انه انقلاب السحر على الساحر”.
أما سرّ هذا الانجاز الايراني الهام فهو “الالتزام الدقيق بالتوجيهات التي اصدرها سماحة قائد الثورة الاسلامية بالمضي قدما وعدم انتظار نتائج المفاوضات وعدم رهن البلاد بالاتفاق النووي”، وستشهد الايام والاسابيع والشهور القادمة زيارات مكوكية كثيرة للغربيين الى طهران، لأن الرياح تجري الان بما لا يشتهون.
بقلم: فريد عبدالله
بدون دیدگاه