الأهواز – مقال / تشهد المناقب السامية العديدة لمفجر الثورة الاسلامية وقائدها الراحل الامام روح الله الموسوي الخميني -قدس سره الشريف- واكثر ما بقي في الاذهان وملك القلوب كان زهده وبساطة عيشه وتجنبه للمكاسب الدنيوية ومرافقته للفقراء ومواساته لهم.

لم يكن هذا العالم الجليل الذي ثار بوجه الظلم والاستبداد ورفع لواء الاستقلال، والحرية ذائع الصيت في بداية انتفاضته وثورته لكن كلامه النير وعزمه الراسخ وايمانه الصلب جعل صوته المحق فاعلا، ومؤثرا في النفوس الحرة والباحثة عن الحقيقة، وقد مثل ذلك بداية طريق من النضال في سنين طويلة توجت بازالة عرش النظام الشاهنشاهي البائد.

وذاع صيت ثورته في الآفاق واستلهم منها كل احرار الارض في مقارعتهم للاستعمار والاستكبار والظلم والجور.

وحينما تأكد الصديق والعدو من استقرار الجمهورية الاسلامية في ايران توافدوا الى ايران للقاء زعيم هذه الحركة الشعبية العظيمة وربما كانوا يظنون بان اللقاء سيكون في قصر مجلل مع الخدم والحشم لكن ما ملأ العيون كان الزهد والبساطة والخلوص فقط.

لم يصدق هؤلاء ان الرجل العظيم الذي هز عروش الاستكبار والاستعمار والطغاة يقود الحملة العظيمة والثورة الشعبية العارمة من هذا المكان البسيط، وفي الحقيقة يجب القول ان مستوى الزهد والبساطة كان يحير الايرانيين ايضا لانهم اعتادوا على مشاهدة القصور المجللة للشاه الهارب ولم يتصورا في يوم من الايام بانه سيأتي اليهم زعيم يفترش الارض ويسكن بيتا متواضعا دون أي اكتراث للقيم المادية وما يهمه فقط مرضاة الله تعالى ولايهتم اين أصبح من الدنيا ؟

ومكان التقائه بعشاقه من ابناء الشعب كانت تلك الحسينية المباركة والصغيرة المبنية من الطوب والذي منع الامام الراحل تزئينها واستكمال اعمال البناء وتلبيس الجدران بمواد البناء الاخرى ولم تهز شعارات الفداء بالارواح والدماء شعرة في جسم الامام ولم تحرك له جفنا وكانت هذه الشعارات المؤيدة له والمديح الكبير لا قيمة لها عنده فهو قد وصف ثورته منذ البداية وسماها “ثورة الحفاة وساكني الكواخ” ولم يرد ان يتميز عنهم بشيء.

وكأن الهدف الذي رسمه لنفسه وقاد الثورة من اجله لا مكان فيه للتجملات الدنيوية ومع عظمة الخصال وتعدد المناقب الحميدة في شخصيته الفذة والفريدة ظل الزهد وبساطة العيش هي السمة البارزة التي تشد الأعين والقلوب والعقول نحوه فهذه كانت الصورة المطبوعة في النفوس عن هذا الرجل العظيم الثائر والمتقدم في العمر، وستظل عقودا وقرون.

استقبل الزعماء والقادة من كل حدب وصوب ولم يكن هناك فرق بان يكون الزائر وزير خارجية الاتحاد السوفيتي أم قائدا فلسطينيا فالسمة البارزة لكل هذه اللقاءات كانت البساطة فقط.

حكم الامام الراحل ايران الاسلامية لمدة 11 عاما وكانت البلاد كلها تحت امرته لكن بيته البسيط في منطقة جماران لم يتغير واثاث بيته البسيطة ايضا لم تتغير، وبهذه السمة الفريدة استحوذ على قلوب الجماهير ليس فقط في داخل ايران بل في خارجها ايضا ليكون زعيما استثنائيا للمسلمين وغيرهم من الأحرار ولا نظير له.

وعندما رحل وانتقل الى دار الآخرة وجوار ربه الأعلى لم يصدق الصحفيون والمراسلون الذين جاؤوا الى ايران لتغطية مراسم الوداع والتشييع هذا الانبعاث الجماهيري العظيم الذي كان ورائه عشقا عظيما لقائد عظيم لم يكترث للدنيا ولم ينبهر بها، وحينما شاهد المراسلون الاجانب منزل الامام اندهشوا لشدة بساطته.

رحل الامام الخميني العظيم بجسمه لكنه ظل في قلوب وعقول الجماهير بفكره وزهده وبساطة عيشه جيلا بعد جيل، ولأنه أراد مرضاة الله تعالى في كل حركة قام بها، ظل خالدا لأن الذي عاش من أجله باق ولن يفنى.

بدون دیدگاه

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *