الأهواز – تونس / أثار صدور المرسوم الرئاسي الخاص بالمصادقة على انضمام تونس لبروتوكول الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية في المتوسط، ومن أعضائه الإحتلال الإسرائيلي، موجة إدانة واستياء سياسي كبير في تونس بسبب فتحه المجال للتعاون مع الكيان المحتل، منددين بما وصفوه بخطوة نحو التطبيع.
وأصدر الرئيس التونسي قيس سعيد، مرسوماً رئاسياً يتعلق بمصادقة تونس على بروتوكول الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية يندرج في إطار اتّفاقية برشلونة لحماية البيئة البحرية والمنطقة الساحلية للبحر الأبيض المتوسّط.
وأحيل هذا البروتوكول إلى مجلس النواب منذ سنة 2008 في فترة حكم زين العابدين بن علي ولم يتم تمريره إلى الجلسة العامة، وأعيد في سنة 2020 عرضه على مجلس نواب الشعب ليتم مرّة أخرى تأجيل النظر فيه بسبب تحفظات عديد من النواب بشأن التعاون مع كيان الاحتلال الإسرائيلي في إطار هذه الاتفاقية المتوسطية.
وأكدت عضوة “الهيئة العليا لتنسيقية مناهضة الصهيونية ومقاومة التطبيع” جميلة دبش كسيكسي، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن “ما يحدث هو الخديعة الكبرى، عكس ما تلفظ به سعيد خلال الحملة الانتخابية بأن التطبيع خيانة عظمى، وهذا ما جناه علينا نظام الاستبداد والحكم الفردي”.
واستدركت: “للأسف البرلمان الذي تعرض للتشويه تصدى ووقف موقفاً مشرفاً ولم يصادق على هذا البروتكول، وحتى خلال حكم المخلوع بن علي لم يمرر، وبالتالي نعتبر ذلك خطوة نحو التطبيع بكل صفاقة”. ولفتت إلى أن “القرار التونسي خاضع للإملاءات الدولية والارتباطات الخارجية وكل ما يحدث في تونس يتم تحريكه بأيادٍ”.
وتابعت كسيكسي: “نحن فجعنا كنشطاء نساند القضية الفلسطينية ومناهضين للتطبيع باستفاقتنا على مرسوم المصادقة، وهذا الأمر عار على تونس وعلى تاريخها المشرف، وخصوصاً الشعب التونسي المعروف بين كل الأمم بمناصرته للقضية الفلسطينية، التي تجمع كل الحساسيات، وهي القضية الأم التي توحد كل الأطياف والأطراف مهما كانت اختلافاتهم وتوجهاتهم”.
وقالت إن “التطبيع كان عملية خفية يقوم بها سعيد، واليوم تحول إلى طور آخر بمثل هذه المراسيم”، وتساءلت كسيكسي: “لماذا لم يصدر سعيد إلى اليوم مرسوماً، وهو الحاكم بأمره، لتجريم هذا التطبيع وهو من رفع شعار التطبيع خيانة عظمى، إذا كان صادقاً في ذلك الوعد الذي حرك به مشاعر كل التونسيين خلال الانتخابات باستغلاله للقضية الوحيدة الجامعة التي يتفق عليها كل التونسيين مهما كانت دياناتهم أو خلفياتهم أو مرجعياتهم، وقد تم تضليل كل التونسيين بذلك الشعار والشعب كله ضحية هذا التضليل”.
وأدان وزير التعليم السابق، والنائب عن حركة الشعب بالبرلمان المنحل، سالم لبيض، موافقة سعيد على البروتوكول ذي الصبغة التطبيعية قائلاً في تدوينة على “فيسبوك” إن “توقيع هذا البروتوكول ونشره تحت جنح الظلام وفي ظل غياب مجلس تشريعي منتخب بطريقة حرة وشفافة يعبر عن الإرادة الشعبية لا يعد أولوية تشريعية أو ضرورة ملحة، وهو علاوة عن ذلك مثال للتنكر للإرث الوطني العريق المناهض للتطبيع”.
وقالت النائبة عن حزب النهضة، وعضوة لجنة القدس وفلسطين بمجلس نواب الشعب المنحل، يمينة الزغلامي،إن “ما يحدث عبث سياسي، فأقوال رئيس الجمهورية لا توافق مراسيمه واتفاقياته مع الدول والصناديق، وسط صمت مطبق من حركة الشعب وشخصيات أخرى مثل النائب المؤسس والسابق منجي الرحوي الذي كان طيلة سنوات يشوه حركة النهضة متهماً إياها برفض المصادقة على قانون التطبيع”.
وبينت الزغلامي أن “كثيرين طبعوا مع الانقلاب والتزموا الصمت، فالمهم عندهم الوصول إلى الحكم والسيطرة على قيس سعيد من خلال تكوين كتلة برلمانية”، وتابعت: “أنا واثقة أن العديد، ومن بينهم مبادرة (لينتصر الشعب) المساندة لسعيد، قبلوا قبولاً وقتياً بخريطة قيس سعيد والانقلاب على الدستور إلى حين السيطرة على المجلس التشريعي القادم وكذلك مجلس الجهات، وفي خضم كل هذا ينتفي أي موقف مبدئي ولذا نلاحظ جميعاً تمرير مراسيم خطيرة تهيئ للتطبيع وتهيئ لبيع المؤسسات العمومية ولرفع الدعم”.
وأضافت: “في غياب أي رقابة برلمانية ومجتمعية يواصل قيس سعيد القبول بأي تنازل لتنفيذ مشروعه وأنا أتوقع أنه في الأخير سيستفيق على الحقيقة، وهي أنه نفذ مشروع وأجندات مجموعات أخرى، وفي كل هذا تفقد تونس سيادتها ومواقفها الدبلوماسية الثابتة منذ دولة الاستقلال وعلى رأسها الموقف المناصر للقضية الفلسطينية”.
وقالت المستشارة السابقة للرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، المحامية سعيدة قراش في تدوينة: “التطبيع فعل موحش حتى ولو كان بمرسوم”، مشيرة إلى أن “البروتوكول رفضه برلمان بن علي والبرلمانات اللاحقة لما يعنيه من تطبيع صريح مع الكيان الصهيوني”.
بدون دیدگاه